فيض جوهر نصائح وإيحاءات القرآن والسنة لصالح الإنسان

0

 

 


الجزء الثانى من فيض جوهر نصائح وإيحاءات القرآن والسنة لصالح الإنسان.   

تحقيق العبد الراجى عفو الله / محمد محمود خليفه.

 

يجب أن نتأمل هذه الآية العظيمة : {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةوَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}،

إن الآية تُظهر لنا عظمة الله وقدرته المطلقة، فالأرض كلها بيده كالقبضة ، والسماوات مطويات بيمينه ، فكيف لا نُعظّم الله وهو بهذه العظمة؟!

كما قال الإمام ابن القيم رحمه الله :" عظمة الله وجلاله في قلب العبد تمنعه من الوقوع في الذنوب" ، فمن يعصي الله ويستهين بأوامره ونواهيه ، لم يُقدّر الله حق قدره ، كيف يُعظّم الله من يستهين بحدوده؟! هذا من أعظم المحال وأبين الباطل ، فلنُعظّم الله في قلوبنا ، ولنخشَ قدرته وجلاله ، حتى نبتعد عن معاصيه وننال رضاه."

 

إن الدعاء هو اللجوء إلى الله تعالى في السراء والضرّاء والخضوع له ، طلباً في تحقيق أمور دنيوية وأخروية يتمنّى المرء حدوثها ،

قال تعالى :" وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ " ( البقرة : ١٨٦ )

 

فضائل الدعاء تتضمن الآتى :-

 

١- تقريب الصلة بين العبد وربه وشعور المسلم بالأمان والاطمئنان لوجود داعمٍ له ميسّر لأمره، ألا وهو سبحانه تعالى.

 

٢- نيل الأجر والثوب من الله فالدعاء سلاح المؤمن ، فهو معه عند اشتداد الكرب ، معه عند نزول المصائب والمحن ، معه عند انتشار الظلم ، معه على الظلمة والمعتدين ، فالدعاء سلاح المؤمن من لدن آدم إلى قيام الساعة ، فعندما اشتد إعراض قوم نوح بعد عرض دعوته ليلا ونهارا ، سرا وجهارا ، فما كان منه عليه السلام إلا أن قال ( رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً ) ( نوح : ٢٦ ) ،

فأجاب دعوته ( فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ) (العنكبوت : ١٤ ) ،

ولما اشتد إعراض فرعون وقومه عن دعوة موسى ما كان منه عليه السلام إلا أن قال ( رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ ) (يونس : ٨٨ ).

فأجاب الله دعوته ، فأغرق فرعون وجنوده وجعله عبرة لمن خلفه ، ولما اجتمع مشركوا قريش يوم بدر ، وألقت قريش بفلذات أكبادها إلى المعركة كان من دعائه صلى الله عليه وسلم ( اللهم نصرك الذي وعدتني ، الله أحنهم الغداة ) ،

فما كان من الله جل جلاله إلا أن أنزل النصر ، وأعز جنده المؤمنين.             

 

٣- يحب أن يكون الدعاء فيه قطع العلائق عن الخلائق ، فيه اعتماد القلب على الله والاستعانة به وتفويض الأمور إليه وحده سبحانه وتعالى بل إن الله ليغضب حين يترك سؤاله قال صلى الله عليه وسلم ( من لم يسأل الله يغضب عليه ) وإذا سأله عبده استحيا أن يرد يديه صفرا خائبتين ،  والدعاء سبب لانشراح الصدر وزوال الغموم ، وتفريج الهموم ، قال صلى الله عليه وسلم : ( من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله ، فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل ).

وقال صلى الله عليه وسلم ( إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء ).               

 

٤- الدعاء أنيس المؤمن عند الشدائد ، وصديقه عند اشتداد الكرب ونزول المصائب ، فما استجلبت النعم بمثله ، ولا استدفعت النقم والبلايا بمثله ،

( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ).                              

 

٥- الدعاء ثمرته مضمونه ، فالربح حاصل حاصل ،

فإما أن تجاب الدعوة ، أو يكف بها السوء ، أو تدخر ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون ،

قال صلى الله عليه وسلم ( ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم ، إلا أعطاه الله بها احدى ثلاث : إما أن تعجل له دعوته ، وإما أن يدخرها له في الآخرة ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها ..

قالوا : أذا نكثر يا رسول الله ـ أي من الدعاء ـ قال : الله أكثر ).                 

 

٦- الدعاء مفزع المظلومين ، وملجأ المستضعفين ، فالمظلوم أو المستضعف إذا انقطعت به الأسباب ، وأغلقت في وجهه الأبواب ولم يجد من يرفع عنه مظلمته ، ويعينه على دفع ضرورته ، رفع يديه إلى السماء ، وبث إلى الجبار شكواه ، فنصره الله وأعز وانتقم له ولو بعد حين

ذكر البخاري ومسلم ـ رحمهما الله ـ أن امرأة خاصمت سعيد بن زيد ـ رضي الله عنه ـ في أرض وزعمت أنه أخذ شيئا منها ،

فقال سعيد : كيف أخذ من أرضك وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من أخذ شبرا من الأرض ظلما طوقه الى سبع أراضين )

فقال سعيد : ( اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها ، واقتلها في أرضها )

قال : فما ماتت حتى ذهب بصرها , وبينما هي تمشي في أرضها إذا وقعت في حفرة فماتت ، ولقد أجاب ابن القيم ـ رحمه الله ـ على سؤال وهو متى يستجاب الدعاء : فقال : رحمه الله إذا جمع مع الدعاء : حضور القلب ، وصادف وقتا من أوقات الإجابة، وصادف خشوعا في القلب وانكسارا ، واستقبل الداعي القبلة ، وكان على طهارة ، ورفع يديه إلى الله ، وبدأ بحمد الله والثناء عليه ، ثم ثنى بالصلاة على محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ثم قدم بين يديه حاجته التوبة والاستغفار ، ثم دخل على الله وألح في المسألة ، ودعاه رغبة ورهبة ، وتوسل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده ، وقدم بين يديه صدقه ، فأن هذا الدعاء لا يكاد يرد ).                                     

 

٧- من أسباب استجابة الدعاء طيب المطعم والمشرب والملبس ، والتذلل والتضرع والالحاح مع اليقين بالإجابة.

 

أخي الصائم :

للصائم دعوة لا ترد فاحرص أن تكون لك دعوات كل يوم وليلة ،

دعوة عند الإفطار

ودعوة عند السحور

دعوة لنفسك لأهلك لدينك لدعوتك لوطنك للمسلمين ...

فقط : ادع الله وأنت واثق بالإجابة ، جعلني الله وإياكم ممن يدعونه فيستجيب لهم

آمين.

إرسال تعليق

0 تعليقات
* Please Don't Spam Here. All the Comments are Reviewed by Admin.
إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !