تحقيق العبد
الراجى عفو الله / محمد محمود خليفه.
◇ من أعظم النعم التي أنعم الله بها على أهل القرآن
وخاصته :- أن أكثر حركات ألسنتهم تكون بتلاوته ، وأكثر نظرات عيونهم تكون في
صفحاته ، وأكثر ما يسمعونه هو كلام الله ، هم أكثر الناس ملامسة للقرآن ، ومعارفهم
وأصحابهم من أهل القرآن ، بيوتهم تملأها تلاوة القرآن ، وأوقاتهم معمورة بذكره ،
حتى في طريقهم ، يشغلهم القرآن ،
وفي الآخرة ، ستُنور قبورهم بنور القرآن ، وسيكون القرآن قائدهم إلى الجنة، ودليلهم على الصراط المستقيم ، فهل تركوا لغيرهم شيئًا بعد أن حازوا القرآن؟! القرآن هو كنزهم ، ونورهم ، ورفيقهم في الدنيا والآخرة.
◇ قيل للحسن البصرى :- يا أبا سعيد : ما سر زهدك
فى الدنيا ؟!
قال رحمه الله
: أربعة أشياء
وما هى يا
إمام ؟
علمت أن رزقى
لن يأخذه غيرى
فاطمأن قلبى
وعلمت أن عملى
لا يقوم به غيرى
فاشتغلت به
وعلمت أن الله
مُطَّلع علىّ
فاستحييت أن
يرانى على معصية
وعلمت أن
الموت ينتظرنى
فأعددت الزاد للقاء رب العالمين
◇ ذنوبُ العباد كثيرةٌ :- منها ما هو كأمثال الجبال ، قال عليه أفضل الصلاة والسلام : « يجِيءُ يوم القيامة ناسٌ من المُسلمين بذنوبٍ أمثال الجبال » رواه مسلم ،
ومنها ما هو
كزَبَد البحر ، ففي الحديث : « .. حُطَّت خطاياه وإن كانت مثلَ زَبَد البحر » ،
ما منا من أحد
إلا و أذنب فكيف نحصل على مغفرة الله جل جلاله :
نحصل على المغفرة بالتالي :
توحيد الله تعالى وأن لا تشرك به شيئا لأن الشرك بالله هو أكبر ذنب يقترفه العبد وهو
الذنب الذي لا يَغْفِرُهُ اللهُ ويَغْفِرُ
ما دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشاء، قالَ اللهُ تَبارَكَ وتَعالى ﴿ إِنَّ اللهَ لا
يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ويَغْفِرُ ما دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشاءُ (٤٨)﴾[ سورة
النساء ] ،
وقال سيدنا
محمد النبى عليه أفضل الصلاة والسلام : إنَّ اللهَ تَعالى يَقُولُ في الحَدِيثِ
القُدْسِيِّ : « يا ابْنَ ءادَمَ إِنَّكَ ما دَعَوْتَنِي ورَجَوْتَنِي غَفَرْتُ
لَكَ عَلَى ما كانَ مِنْكَ ولا أُبالي ، يا ابْنَ ءادَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ
عَنانَ السَّماءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَني غَفَرْتُ لَكَ ولا أُبَالي ، يا ابْنَ
ءادَمَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرابِ الأَرْضِ خَطايا ثُمَّ لَقِيتَني لا تُشْرِكُ بي
شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرابِها مَغْفِرَةً » رواهُ التِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ.
◇ فضل الصلاة :- قال سيدنا محمد النبى عليه أفضل الصلاة والسلام : " الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان ، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر
" ، وقال - عليه أفضل الصلاة والسلام : « أرأيتم لو أن نهرًا ببابِ أحدِكم
يغتسِلُ منه كل يومٍ خمسَ مراتٍ هل يبقى من درَنه شيءٌ؟» ، قالوا : لا يبقَى من
درَنه شيءٌ ، قال : « فذلك مثَلُ الصلوات الخمسِ ، يمحُو الله بهنَّ الخطايا »
متفق عليه.
◇ فضل الحج المبرور :- عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : { من حج لله ولم يرفث ولم يفسق ، رجع كيوم ولدته أمه } [ رواه البخاري ].
◇ فضل الصيام والقيام :- « من صام رمضان إيمانًا واحتِسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه "
« ومن قامَ
رمضان إيمانًا واحتِسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه ، ومن قام ليلةَ القدر
إيمانًا واحتِسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبِه » رواه البخاري.
◇ فضل الصدقة :-
يقول سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام : " والصدقة تطفئ الخطيئة، كما يطفئ الماء النار ".
◇ فضل الذكر عند سماع الشهادة بالأذان : عن سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه قال ، قال رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام : { من قال حين يقول المؤذن : أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، وأنا أشهد : رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولا غفر له ذنبه } [ أخرجه مسلم ].
◇ من وافق تأمينه تأمين الملائكة :- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام : { إذا أمن الإمام فأمنوا ، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه } [ رواه البخاري ومسلم ].
◇ فضل الإجتماع على ذكر الله :- عن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله عليه أفضل
الصلاة والسلام : { ما جلس قوم يذكرون الله تعالى إلا ناداهم مناد من السماء قوموا
مغفوراً لكم } [ رواه أحمد وصححه الألباني ].
◇ الإحسان إلى الناس :- كان سيدنا أبو بكر رضي الله عنه يتصدق على مسطح بن أثاثة ، ويُحسن إليه ، ويصله بالعطاء والنفقه ، فلما حصل من مسطح ما حصل في حادثة الإفك ، امتنع من الإحسان إليه ، وحلف ألا يُنفق عليه ، فنزل قول الله تعالى : " وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ
وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ
اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " ، فقال رضي الله عنه : بلى أحب
أن يغفر الله لي ، ورجع على مسطح بالعطاء.
◇ الدعاء سبب عظيم لمغفرة الخطايا والموبقات والتجاوز عن العيوب والسيئات :- قال تعالي : " رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ
الْأَبْرَارِ.رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا
يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ.فَاسْتَجَابَ لَهُمْ
رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى
بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ" ،
وعن أبي بكر
رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله علمني دعاء أدعوا به في صلاتي ؟ قال : قل :
" اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي
مغفرة من عندك ، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ".
◇ المصائب والبلايا والأمراض والرزايا :- عندما
تنزل بالمسلم ، فيعلم أنها بقدر الله ، فيصبر عليها ، ويحتسب الأجر فيها ، فتكون
سببا لمغفرة ذنوبه ، وتكفير سيئاته ، قال تعالى : " ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ
لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ
رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ " ، وقال عليه أفضل الصلاة والسلام
: " ما يصيب المسلم من نصب – أي تعب - ولا وصب – أي مرض- ولا هم ولا حزن ولا
أذى ولا غم ، حتى الشوكة يُشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه".
◇ الوضوء الشرعي سبب لمغفرة الذنوب :-
يقول سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام : "إِذَا تَوَضَّأَ
الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ - أَوِ الْمُؤْمِنُ - فَغَسَلَ وَجْهَهُ ، خَرَجَت مِنْ
وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ - أَوْ
مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ - أو نحو هذا ، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَت مِنْ
يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ - أَوْ مَعَ آخِرِ
قَطْرِ الْمَاءِ - فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ من رجليه كُلُّ خَطِيئَةٍ
مَشَتْهَا رِجْلاَهُ مَعَ الْمَاءِ - أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ - حَتَّى
يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ ".
◇ الأذكار بعد الصلاة تُكفِّرُ الخطايا :-
قال رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام : « من سبَّح اللهَ دُبُر كل صلاةٍ ثلاثًا وثلاثين ، وحمِدَ الله ثلاثًا وثلاثين ، وكبَّرَ اللهَ ثلاثًا وثلاثين ، فتلك تسعةٌ وتسعون ،
وقال تمام المائةِ : لا إله إلا الله وحده لا شريك له.، له الملكُ وله الحمدُ وهو
على كل شيءٍ قدير ، غُفِرَت خطاياه وإن كانت مثلَ زبَد البحر »؛ رواه مسلم.
◇ فضل المبادرة إلى التوبة :- قال الحق سبحانه وتعالي : " وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا
الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" والنبي صلي الله عليه وسلم كان
يُكثر من الاستغفار والتوبة فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن سيدنا محمد عليه أفضل
الصلاة والسلام قال : " يا أيها الناس توبوا إلي الله ، فوالله إني لأتوب إلي
الله في اليوم أكثر من سبعين مرة " ،
وفي حديث الأغر بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "يا أيها الناس توبوا إلي الله واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة".
◇ فضل الأعمال الصالحة بأنواعها :- كتلاوة القرآن ، وبرِّ الوالدين ، وصِلة الأرحام ، إنها تُكفِّرُ السيئات ، قال الحق
سبحانه وتعالى : ﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [ هود : ١١٤ ] ،
وقال عليه أفضل الصلاة والسلام -: «وأتبِع السيئةَ الحسنةَ تمحها» رواه الترمذي.
◇ قاعدة إيمانية عظيمة :- أيها المؤمن خذ بالأسباب ، ولكن لا تتعلق بها بقلبك ، لأن الذي يُحرك كل شيء هو مسبب الأسباب ، إنه الله
سبحانه وتعالى ، الذى أمرنا بالأخذ بالأسباب ، كما أمر السيدة مريم عليها السلام ،
لتقوم بهزّ جذع النخلة لينزل عليها الرزق ، مع أن الله قادر أن يُنزل التمر لها
دون أي جهد ، لكنه أراد أن يُعلّمنا أن السعي مع التوكل عليه هو طريق النجاح.
◇ الشطارة الحقيقية :- هي أن تسعى بجد ، ولكن لا تضع كل رجائك في الأسباب ، لأن الذي بيده كل شيء هو الله ، هو الذي يرتب لك الخير حتى لو كنت لا تراه الآن ، فثق بأن الله سيُعطيك ما هو خير لك ، في الوقت الذي يعلمه هو.
◇ سُئل أحد الصالحين :-
إذا كان الله
يرمينا بسهام القدر فكيف لنا بالنجاة؟
فقال : كن
بجوار الرامي .. تنجو.
◇ ستر الغيب :- ماذا لو كُشف لك ستر الغيب فرأيتَ أن أوجاعك كانت سببًا لعافيتك في الآخرة ،
وأن ابتلاءاتك كانت سببًا لتمكينك ، وأن خيباتك كانت سببًا لصلابتك في مواجهة الحياة؟! ،يقول الحق سبحانه وتعالى :
﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ ،
ويقول سبحانه
وتعالى : { أَفَمَن يَتَّقِى بِوَجْهِهِۦسُوٓءَ ٱلْعَذَابِ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ }
، إن يوم القيامة يوم عظيم ، وفيه يُواجه
الإنسان عذابًا شديدًا إن لم يتقِ الله في حياته الدنيا ، فهل يُعقل أن يُساوي من
يتقي الله ويخاف عذابه بمن يُعرِض عن طاعته ويستهين بأمره؟ ، إن التقوى هي التي
تُنجي الإنسان من سوء العذاب ، وهي التي تجعل وجهه مُشرقًا يوم القيامة ، فلنعمل
على تقوى الله ، ولنخاف من عذابه ، حتى ننال رضاه وننجو من سوء ذلك اليوم."