تحقيق : محمد محمود خليفه.
● بلا شك حقا
وواقعا محسوسا لكل مؤمن ، إن الله دائما هو صاحب الفضل العظيم وصاحب العوض الجميل
، فهو يعوِض لدرجة تجعلك تخشى أن تكون مقصِرا في حقه ، وفي حمده ، وفي شكره ، فهو
يعوِض لدرجة تجعلك تفكر وتتعجب من نفسك وتلومها كيف حزنت من قبل على ما خسرته وعلى
ما لم تحصل عليه ، ستكتشف أنَّ كل الأبواب التي قُفِلَت في وجهك قُفِلَت لتُفتح
لك أبواب افضل بكثير ، ستكتشف أن كل شيء حرِمت منه رحِمت من شره ، وأنَّ كل ما
لم تحصل عليه عوَّضك الله بأفضل منه ، فعوض الله اذا حلّ أنساك كل همك ، ويجب أن
تعلم : [ ليس كل من يواسيك لا جرح عنده ، ولا كل من يعطيك يملك أكثر منك ، إن
الإيثار ليس إيثار متاع ومال فحسب ، فقد يشاطرك إنسان بآخر زاده من الصبر ، ويهبك ما
تبقى في قلبه من أمل ، ويقتسم معك آخر ابتسامة قبل أن ينفرد بحزن طويل ، فأحسن استقبال الود ، فإنه ثمين ] ، ويجب أن
نعلم أن الحالة النفسية لنا ليست فقط مرتبطة او متصلة بمدى إيماننا وقوة يقيننا
وعلاقتنا بالله ، فسيدنا موسى عليه السلام قال "ويضيق صدري" وسيدنا
يعقوب بكى حتى : (( ابيضت عيناه من الحزن )) ، ووصف الله سيدنا محمد عليه افضل
الصلاة والسلام بقوله " فلعلك باخع نفسك على آثارهم" ، باخع أي : مهلك
نفسك من الغم والحزن ، ولا ننسى قوله عز وجل "لقد خلقنا الإنسان في كبد"
، لذا فلن نجد الراحة والسعادة الأبدية سوى في جنة الرحمن ، لذلك فيجب دائما أن
نستعين بالله علي كل ابتلاء ونصبر ، ونردد دعاء سيدنا محمد عليه افضل الصلاة
والسلام ونقول : ( اللهم إنا نعوذ بك من
الهم والحزن والعجز والكسل وغلبة الدين وقهر الرجال ) ، ولأتنسى قوله سبحانه وتعالى : "لا تدري
لعلَّ الله يُحدِثُ بعد ذلك أمرا " ، فهذه الآية الكريمة بها طمأنينة ورحمة
من الله العزيز الحكيم ، وكأنها توكد لك أن الله قادر على قلب الموازين باي شكل
وفي لحظة قد لا تتوقَّعها ، فاصبر ، لان الله اللطيف بعباده هو المعطي القادر على
أن يهبك ويعطيك ما لا تتوقَّعه وما لا يتصوره عقلك ، وتذكَّر دايما أنَّ الله اذا
اعتى ادهش ، لذلك فيجب أن يقول العبد : [ لن أتعلم كيف أمد يدي للناس وقتما
أحتاجهم ، لكني أعلم جيدا كيف أرفعها لله الرحيم في وقت همى وحاجتي ، أعلم جيدا أن
الله وحده المنقذ لي المنجي ، قد يأمر ربى الطريق إذا أراد فيتسع ، ليحقق أمنياتي في
وقتها الجميل بعدما نسيتها ولم أنتظرها ، فالحمد لله الرحيم الذي يدبر الأمر كله
من غير حول منى ولا قوة ].
● يا عبد الله
لا تجزعنَّ لِكل حادثة : فو اللَّهِ كلُّ بلوة في غيرِ دينِكَ هينة : فسَلِ الرحيم
فيه ألا تُبتلىٰ : هو عصمةُ أمرِك وعند الله الخير ما أكثره : فرجا إذا لك ربك
أراده : لا يحجزه بابا موصدا.
فسبحان الله
العظيم الذى بشرنا قائلا : ﴿ما يَفتَحِ اللَّهُ لِلنّاسِ مِن رَحمَةٍ فَلا مُمسِكَ
لَها﴾