تحقيق : محمد محمود خليفه.
■ إن الشباب والسعادة لايأتيان من كثرة المال ، ولكن من المحبة والقناعة ، وإن المحبة والقناعة تجدهما مع الزوجة الصالحة ، فهى منحة ربانية إذا رزقك الله بها ستصبح فى شباب وسعادة ، وهناك قصصا كثيرة نقرأ عنها أنها حدثت قديما وبعضها حديثا ونجدها واقعية فى حياتنا ، لكنها للأسف نادرة ، ومن هذه القصص ، هذه القصة التى تحمل معانى وقيم الزوجة الصالحة التى يمنحها الله لمن يشاء من عباده ، وكنت أنا والحمد لله منهم ، ولكن الله الرحيم الحكيم قد توفاها ، زوجتى العزيزة رحمها الله ، وإن هذه القصة التى سأرويها لكم ، قد قرأتها وأنبهرت بها ، وأتمنى أن تكون مثالا فى ذاكرة نساء العالمين فى عصرنا الحالى ، لمعرفة قيمة المحبة والقناعة فى الحياة الزوجية ، حتى لا نجد هذا العدد المتزايد فى حالات الطلاق والخلع ، الذى فاق حدود المنطق ، والذى سبب تفككا أسريا وصراعات وإنحرافات كثيرة ناتجة لهذا الإنفصال ، وهذه القصة كالأتى :-
● يحكى أنه كان هناك أمير يحكم
إمارة ، وكان لديه حكيم ذكي ، وكان هذا الأمير يحلم بأن يبقى دوماً شاباً قوياً ،
وأن لا تصله الشيخوخة ،
فطلب من حكيمه ، أن يأتيه بدواء يطيل في
العمر ، ووعده بأن يعطيه أي شيء يطلبه إن جاء له بطلبه ، فذهب الحكيم يبحث في
المدن والقرى عن دواء يطيل العمر ويبقي الإنسان في مرحلة الشباب ،
ولكنه عندما مر بقرية وسأل أهلها عن عشبة أو أكلة تطيل العمر ، نصحه أهل تلك القرية أن يذهب إلى أعلى الجبل ، حيث يسكن هناك أخوان وربما يجد عندهما ما يريد ،ذهب الحكيم إلى حيث يعيش هذان الأخوان ووصل إلى هناك قبل الغروب بقليل ،كان البيت الأول صغيراً والأشياء من حوله مبعثرة ، وأمام باب البيت يجلس رجل عجوز يظهر على وجهه الحزن ، فسلم عليه الحكيم فرد عليه العجوز السلام ورحب به ،
ثم طلب الحكيم من العجوز أن يسمح له بالمبيت
عنده حتى الغد ،
وقبل أن يتكلم العجوز ، جاء صوت من داخل البيت فإذا هي زوجته لتقول : ( ليس لدينا مكان للضيوف، ابحث لك عن مكان آخر ) ،فطأطأ العجوز رأسه وتأسف من الحكيم ،ثم توجه الحكيم إلى البيت الآخر ، فإذا هو بيت في غاية الجمال ، والنظافة ، والترتيب ، وتحيط به أنواع الزهور والنباتات الجميلة ، بالإضافة إلى أصوات الطيور والبلابل ، وإذا بشاب جميل الوجه والملبس ينتظره ويرحب به ونادى على زوجته قائلا : اليوم لدينا ضيف ، ( فرحبت الزوجة بالحكيم أجمل ترحيب ) ،
في اليوم الثاني أفصح الحكيم للرجل عن سبب
زيارته لهم وسأله : لماذا أنت في صحة وشباب بينما أخوك الأكبر قد شاب وهرم ؟
فضحك الرجل وقال له : أنت مخطيء هو أخي
الصغير وأنا أكبر منه بعشرين سنة ،
تعجب الحكيم وزاد ولعه لإكتشاف سر بقاء
الرجل في مرحلة الشباب وطلب معرفة ذلك مقابل أي شيء يطلبه ، فوعده الرجل بذلك ولكن
بعد أن يتناولا الغداء ،
في الغداء قدم الرجل وزوجته أفضل ما لديهما
من الطعام ثم جلسا تحت شجرة تطل على الوادي ، وطلب الرجل من زوجته أن تذهب إلى
بستانهم الذي يقع أسفل الوادي ، وأن تحضر لهم بطيخة ، فذهبت الزوجة ، وبعد ساعة
جاءت ببطيخة ،
نظر زوجها إلى البطيخة وأخذ يضرب عليها ثم
قال لزوجته : لا يا زوجتي العزيزة ، أرجو أن ترجعي هذه البطيخة وتأتي لنا بواحدة
أخرى ،
فقالت الزوجة : ( على عينى ) ،
ذهبت الزوجة إلى أسفل الوادي ورجعت ببطيخة
أخرى ، ولكن الزوج لم يقتنع وأرسل زوجته مرة ثانية وذهبت الزوجة على الفور بكل
رحابة ، ونزلت إلى الوادي وجاءت ببطيخة ،
وفي هذه المرة وبعد أن تفحص الرجل البطيخة فتحها وأكلوا منها ،
أعاد الحكيم السؤال وطلب معرفة الأكلة أو
العشبة التي تحافظ على الشباب ،
فأجابه الرجل : إنها ليست أكلة أو عشبة ، بل
السر في صحتي وشبابي ، هي زوجتى ، فمنذ أن تزوجتها لم أجد منها غير الحب والرحمة
والحنان والإحترام والتقدير ،
هل تعلم يا حكيم أنه لم تكن في بستاني غير
بطيخة واحدة ، وأنها نزلت إلى الوادي ثلاث مرات ، وكانت في كل مرة تأتي لنا بتلك
البطيخة نفسها ، ولكنها أطاعتنى ولم تبدي أي علامة تنقص من شأني أمامك ،
تعجب الحكيم من هذه المرأة وأيقن أن السعادة
وراحة البال والصحة والشباب ، تصنعها الزوجة الصالحة بمحبتها وعطفها واهتمامهاوليست
الأدوية.
■ إن هذه
القصة تذكرني بقصة زوجة سيدنا اسماعيل عليه السلام ، عندما زاره والده سيدنا
إبراهيم عليه السلام فى منزله ، فقابلته زوجته بكل ضيق وشكوى وهم ، فنصحه بتغييرها
، وعندما زاره مرة آخرى فى منزله ، فقابلته زوجته الثانية بكل رضا وقناعة وسعادة ،
فنصحه بالإحتفاظ بها لصلاحها ، لأنها زوجة صالحة ، فاللهم أصلح المسلمات جميعا
وأجعلهم عونا لأزواجهم على تقوى الله عز وجل.