بقلم / محمد محمود خليفه
الكاظمين الغيظ والعافين
عن الناس هم مؤمنون صادقون يملكون أخلاق عظيمة دعا الإسلام إليها ، ويجب علينا
تطبيقها عمليا فى معاملاتنا مع بعضنا البعض فى حياتنا ، فالكاظم غيظه هو الشخص
الذي يمتلك القدرة على كبت غضبه وعدم التفاعل بشكل سلبي مع مواقف الغضب التي قد يتعرض
لها ، والعافي عن الناس هو الشخص الذي يتسامح ويسامح الناس عند إساءتهم له ،
ولمصلحتنا كظم غيظنا وعفونا عن الناس ، فحينما نواجه أوقاتا صعبة في حياتنا ، نجد
أنفسنا على وشك الغضب والانفعال ، ولكن من الأفضل أن نكون حكماء ونتمالك أنفسنا ،
فالكثير من الناس يتعرضون لمواقف شديدة ولكنهم يختارون الصمت والتسامح بدلاً من الانفعال
والغضب الغير محسوب عواقبه .
وإن غضبنا وتسرعنا وتصرفاتنا العدوانية لن تجلب لنا سوى المشاكل والصراعات مع الآخرين ، فالغضب يجعلنا نفقد التحكم بأفعالنا ونقول أو نفعل أشياء نندم عليها بعد فوات وقت تعديلها والكثير منها قد لا يمكن أساسا تعديله بتاتا بمجرد حدوثه ، لذا يجب علينا أن نتعلم كيف نتحكم في غضبنا ونكون أكثر هدوءا وتفهما ، فعندما نتحلى بالصبر والعفو تجاه الآخرين ، فإننا نجنب أنفسنا الكثير من المشاكل ونخلق بيئة إيجابية حولنا ، فالتسامح والعفو هما مفتاح السلام الداخلي والصحة النفسية والسعادة فى الدنيا والآخرة ، وبالتالي يمكننا الحفاظ على علاقاتنا الاجتماعية والعائلية بشكل أفضل ، وإذا كان هناك شخصا ما يثير غضبنا ، علينا أن نعيد التفكير في الأمر ونحاول فهم وجهة نظره ، فقد يكون لديه أسباب لفعل ما يفعله ، وربما يكون في حاجة إلى فهم وتفهم منا له بدلاً من الغضب والعداء نحوه ، لذا يجب أن نتذكر أن الصفات الإيجابية مثل التسامح والعفو تعكس قوتنا الحقيقية كأشخاص متعقلين أذكياء ، فعندما نتمكن من كظم غيظنا وعفونا عن الناس ، نكسب احترام وتقدير الآخرين ونعيش في سلام وسعادة ونجاح وتقدم ، ومن رحمة وكرم وحكمة الله الواحد عز وجل ، أن وصف هؤلاء الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس بالمحسنين ، و جعلهم من أحبابه مع المنفقين فى السراء والضراء لخالص وجهه الكريم ، وقد أكد ذلك الحق سيحانه وتعالى في القرآن الكريم في قوله : " الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) " ( آل عمران : 134 ) .
إن الالتزام بكظم الغيظ
والعفو عن الناس يعتبر مؤشرا على قوة الإيمان وقوة الشخصية والثقة بالنفس ، ويدل
على مدى قدرة الشخص على التحكم في نفسه و على تجاوز المواقف الصعبة برفق ولين ويسر
، كما أنه يعكس روح الرحمة والتسامح التي ينبغي على كل مسلم أن يعامل بها الآخرين
، لذا يجب على المسلمين أن يسعوا جاهدين لتعزيز كظم الغيظ والعفو عن الناس في
حياتهم اليومية ، فهذه الصفات هي منبع للخير والسلام في المجتمعات وتقدمها ،
وعندما يتبع المسلمون هذه القيم ، فإنهم يساهمون في بناء عالم أفضل وأكثر سلامًا
للجميع ، وإن الالتزام بكظم الغيظ والعفو عن الناس هو من أعظم الصفات التي يجب أن
يتحلى بها المسلمون ، وبتعزيز هذه القيم النبيلة يمكن للإنسان أن يحقق السلام
الداخلي والتفاهم والتسامح في المجتمع .