تحقيق : محمد محمود خليفه
أيها الإنسان حرر قلبك من الكراهية
وعقلك من الهموم ، وعِش ببساطة فحسب وكن كريمًا في العطاء وقلّل من توقعاتك بالسوء
من الآخرين، ويواجه الإنسان اختبارات على كل كلمة نطق بها ، وكل وعد قطعه ، ويختبر في مبادئه دون استثناء ، ويمتحن في
الحكمة التي قدمها للآخرين خلال مصائبهم ، وفي صبره وحبه ، والحياة بأكملها امتحان
، لتظهر له أن قوته لا تكفي لكل شيء ، وحبه لا يمكن أن يشمل كل من يحب ، وسعة صدره
لن تمكنه من المرور دون خيبات ،ومفيش مشكلة إنك تكتشف أنك مكنتش صح إمبارح وتقرر
تبقى صح النهارده ،ولازم تتقّبَل فكرة إنك إنسان يُخطئ ويصيب ، ومفيش حد كامل
ومفيش حد كل إختياراته صح ، لأن من الصعب أصلاً أنك تعمل كل حاجة صح ، بس المهم
أنك تفضل تحاول ، وأحيانا بيكون الدافع الحقيقي للتغيير أنك تكتشف أخيرا إنك أهم
من كل اللي بيحصل فى حياتك ده ،ويجب أن نسأل الله الثبات الذي لا يغيره حآل ولا
مكان ولا زمان ، ثباتٌ لاتمزقهُ الفتن ولا تهوي بهِ المُغريات ولا تجره عواصف
الحياة ،ولا تحاول البحث عن حلم خذلك ، بل حاول أن تجعل من حالة الانكسار بداية
حلم جديد ، ولا تقف كثيرا على الاطلال ، بل ابحث عن صوت عصفور يتسلل وراء الأفق مع
ضوء صباح جديد ولا تنظر الى الأوراق التي تغير لونها وبهتت حروفها وتاهت سطورها
بين الألم والحزن ، وستكتشف أن هذه ليست أجمل ما كتبت وان هذه الاوراق ليست آخر ما
سطرت ، ولا تحزن على الامس فهو لن يعود ، ولا تأسف على اليوم فهو راحل ، واحلم
بشمس مضيئة في غدا أجمل ، واذا لم تجد من يغرس في أيامك وردة ، فلا تسعى وراء من
غرس في قلبك سهما ومضى ،وإذا أقبل العبد على طاعة بعث الله له صوارف ليتبين صدقه
، فإذا جاهد وصبر وثبت عادت هذي الصوارف
في حقه معاوِنات على الطاعة ،
وانت مش عارف ربنا بيختارلك ازاي
و ربنا بيرتبلك ازاي و ربنا بيدبرلك
ازاي
لذلك ارضى وثِق في ربنا وسلم امورك لله
و فوض امورك لله ،وعايزك تفهم وتتيقن إن مفيش حاجة بتضيع عند ربنا ، تعبك ، يأسك ،
مجاهدتك ، صبرك ، كل دا بيقربلك الحاجة
الي انت مستنيها لو فيها خير ليك ، ربما تنتهى الأسباب لكن يبقى رب الأسباب ،
افتكر انك لو عرفت مقاصد الاقدار لبكيت من سوء ظنك بربك ، رحم الله الشيخ الشعراوي
الذى قال : ( لا يقلق من كان له أب ، فكيف بمن كان له رب ) ، ورضى الله عن سيدنا
عمر الذى قال : ( لو عرضت الأقدار على الانسان ، لاختار القدر الذي اختاره الله له
) ، وخلي يقينك بالله فهو سر الرضا بكل شئ يحصلك ،وسيدنا نوح عليه السلام أغرق
الأرضَ بأكملها بدعاءٍ من ثلاث كلمات " أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ "
، بينما امتلكها سليمانُ عليه السلام كلَّها بدعاءٍ من ثلاث كلمات " وَهَبْ لِي مُلْكًا " ، فليس شرط
ان تقول الكثير من الكلمات لتُحدث الأثر والتأثير ، بل تحتاج الي الصدق والإخلاص
مع ﷲ فقط ، واعلم يا عزيزَ القلبِ أن ﷲ يريد من دعائك قلبك ، ثم لنا في الله ظن لا
يخيب ابدا ،وفي كل لحظات عمرك لا أنت مُتأخر ولا مُتقدم ، بل أنت تسير بكامل سلامك
وأمانك وتُحيط بك رحمات الله ولُطفه دائمًا ، فكُن مطمئناً بمعيّة الله ،وعندما
تشعر باليأس تذكر أن الكثير من النعم منحها الله لك بدون أن تسأله ، فكيف إذا
سألته ، ومن استعان بالله و لجأ إليه ، فتح الله له أبواب توفيقه بألطف الأسباب
التي لا يتصورها ،وفي اللحظة التي تشعر فيها أن كل شيء يعاكس رغباتك تذكر قوله
سبحانه وتعالى : ( لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً ) .