بقلم / محمد محمود
خليفه
تعتبر ظاهرة الغلاء في
الأسعار أمرا مؤلما جدا يواجه الكثير من الناس في مجتمعاتنا اليوم ، مما يؤثر على
نمط معيشتهم ويجعلهم في ضيق نفسى شديد ، ويصبح حث الناس على القناعة أمرا غير
مقبول وغير منطقي بتاتا ، خاصة مع عدم وجود الحد الأدنى الأساسي لمستوى المعيشة
لكثير من الناس ، وفي الإسلام يعتبر الغلاء في الأسعار ظاهرة غير مقبولة إطلاقا ،
فالإسلام يؤكد على أهمية توفير السلع الأساسية بأسعار معقولة للجميع في المجتمع
سواء للمسلمين أو غير المسلمين دون استثناء ، ويشير الإسلام إلى عدة وسائل لمكافحة
الغلاء في الأسعار ، ومن أهمها : ضبط السوق لمنع استغلال التجار و الغش وعدم
رفع الأسعار بصورة غير مبررة وغير مشروعة ومبالغ فيها ، وقد حث نبينا ورسولنا سيدنا
محمد عليه افضل الصلاة والسلام ، على العدالة في التجارة وعدم ظلم الآخرين في
التعاملات التجارية ،
لذا يجب على المسلمين الالتزام
بتعاليم الإسلام في مواجهة الغلاء في الأسعار ، وذلك من خلال دعم الاقتصاد المنصف
والعمل على تحسين الموارد الاقتصادية لتحقيق التوازن في السوق وضمان توفير السلع
الأساسية للجميع ، والتزام التجار بالمبادئ الإنسانية الأخلاقية والاجتماعية التي
حث عليها الإسلام ،ويوجد مثال في الهند : حيث حدث هناك غلاء شديد
للأسعار في ستينيات القرن الماضي ، وكان الناس قبل ذلك في عز وغنى ، وكان وقتها
الداعية الشيخ "محمد يوسف الكاندهلوي" رحمه الله صاحب كتاب (حياة
الصحابة) مشهوراً بزهده وورعه هناك ، فذهب إليه الناس واشتكوا ارتفاع الأسعار
والغلاء الفاحش وقالوا له : هل نحتج ونغضب ؟ قال لهم الشيخ : الناس والأشياء عند
الله مثل كفتي الميزان ، فإذا ارتفعت قيمة الإنسان عند الله "بالإيمان
والأعمال الصالحة" قلت قيمة الأشياء وإذا قلت قيمة الإنسان عند الله بسبب
الذنوب والمعاصي ، ارتفعت قيمة الأشياء وزادت الأسعار وعم الغلاء فعليكم بجهد
الإيمان والأعمال الصالحة ، حتى ترتفع قيمتكم عند الله وتقل الأسعار ، ولا تخوفوا
الناس من الفقر فهذا شغل الشيطان ، فلا تكونوا من جنوده وأنتم لا تشعرون ،
فو الله لو أن هناك في قاع البحر صخرة صماء ملساء فيها رزق لعبد لانفلقت حتى تؤدى
إليه رزقه ، فالغلاء لايمنع عنك رزقاً ساقه الله إليك ، والذى فتح لك فاك لن ينساك
، قال الحق سبحانه و تعالى في: { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا
وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرضِ فأخذناهم
بما كانوا يكسبون ( ٩٦ ) } سورة الأعراف ، فبالإيمان والتقوى تسعد المجتمعات وتعم
عليها النعم والرخاء ، لذا لا يجب علينا أن نشغل أنفسنا بأسعار صرف العملات ولا
بالغلاء ، فالرزق عند الله مضمون ، ولكن علينا شغل أنفسنا بأسباب الرزق وهي :
التوكل على الله والعمل بجد والاستغفار .