بسم الله الرحمن الرحيم
مجموعة مقالات عن الأدلة الواقعية على وجود الله وصدق رسوله المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام.
بقلم العبد الراجي عفو الله: محمد محمود خليفه،،،،،،
(١) الله وحده مالك الملك: إن الحق سبحانه وتعالى جمع في كونه دلائل تؤكد وتنطق بوحدانيته ووجوده وعظمته، وكل هذا الكون بما فيه من جماد ونبات وحيوان وإنسان هو من خَلْق الله وصناعته، وقد أبدع الله في صنعه، وخاطب كل العقول في كل العصور، وكلما تقدم الزمن بالبشر كشف الله من علمه ما شاء لمن شاء وقتما شاء لنشهد بأنفسنا دلائل وجوده وملكيته للكون.
ولقد أوجد ربنا العزيز في كونه أدلة نصل إليها بالحواس التي خلقها الله لنا، وأيضًا فإنه بعقولنا فقط نعلم أن هناك خالقًا لكل الكون، فليس هناك شيء يوجد دون صانع قد أوجده.
وقد أرسل الله رسلًا يدعون إلى الله الواحد الأحد وإلى منهجه المتكامل العادل اللائق للإنسان الذي فيه حفظ لكرامته وحقوقه كاملة دون التعدي على حقوق الغير إطلاقًا، وقد جاء الرسل بالمعجزات تأكيدًا لصدق رسالتهم ومنهج الله الذي أرسلهم لخير الإنسان وتنظيم حياته.
وإننا إذا حكَّمنا العقل وحده فسيعطينا آلاف الأدلة من آيات الخالق التي تشهد بوحدانيته وقدرته وملكوته من السماوات والأرض وما فيهما وما بينهما، وقد قال سبحانه وتعالى في سورة فاطر: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱذكُرُواْ نِعمَتَ ٱللَّهِ عَلَيكُمۚ هَل مِن خَٰلِقٍ غَيرُ ٱللَّهِ يَرزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرضِۚ لا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ فَأَنَّىٰ تُؤفَكُونَ (٣) وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَد كُذِّبَت رُسُلٌ مِّن قَبلِكَۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرجَعُ ٱلأُمُورُ (٤)).
(٢) الكون: إن الدليل المادي الأول على أن الحق سبحانه وتعالى موجود هو ما نراه أمام أعيننا ليلًا ونهارًا ونحسه ونعيشه ونتعايش معه وهو الكون الذي نحيا فيه، والذي خلقه الله أولًا قبل أي شيء آخر حيث خلق السماوات والأرض والشمس والقمر، وخلق الهواء الذي نتنفسه، والماء الذي نشربه، والجماد والنبات والحيوان، وهي أشياء خلقها الله لتخدم الإنسان خليفة الله في أرضه، وتعطيه متطلبات حياته الأساسية ليقوم هذا الإنسان من خلال جهده وعمله بتعمير الأرض.
ولا يستطيع أي عاقل أن ينكر أن وجود الكون كان قبل وجود الإنسان، فالإنسان بشكل عام ـ سواء كان مسلمًا أو غير مسلم ـ فإنه لن يستطيع أن ينكر هذه الحقيقة إطلاقًا.
وبذلك نجد أنها حقيقة بديهية جدًّا، وهي تؤكد صدق الإسلام والقرآن الحكيم الذي أكدت آياته ذلك مرارًا وتكرارًا، وبذلك فإن مَن ينكرون وجود الله فإننا نسألهم مباشرة: مَن خلق الكون حتى تعيشوا فيه وتجدوا مقومات حياتكم؟ وقد ذكر ذلك سبحانه وتعالى قائلًا في سورة ق: (وَلَقَد خَلَقنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرضَ وَمَا بَينَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّام وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوب (٣٨) فَاصبِر عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ قَبلَ طُلُوعِ ٱلشَّمسِ وَقَبلَ ٱلغُرُوبِ (٣٩)).
(٣) (الخلق): إن الله سبحانه وتعالى بقدرته وعظمته ووحدانيته قد خلق الخلق كله من السماوات والأرض وما فيها وما بينهما، ومن جماد ونبات وحيوان وإنسان، كل ذلك خلقه الله فأبدع خلقه، ونظم ملكه الفسيح وجعله يسير بميزان حساس وضعه له؛ فالمطر والشمس والهواء والأرض ـ مثلًا ـ لا يمكن أن يخضعهم الإنسان لإرادته وإنما هم تحت إرادة الله وتحكمه، وهو يدبر الأمر حتى لا تنعدم الحياة ويهلك البشر، والإنسان لا بد أن يشهد بأن له خالقًا، فلا يوجد عاقل يدعي أنه خلق إنسانًا، ولا مَن يدعي أنه خالق نفسه، وللأسف هناك مَن يدعي أن الكون خُلق بالصدفة، ولكننا منذ بدء الخلق لم نقرأ أو نسمع أو نرى عن مصادفة تنشئ نظامًا متكاملًا مثل هذا الكون بحجمه وامتداده وما يحتويه.
وهناك علماء ملحدون يقولون إن الكون مجموعة من الذرات تحركت وتكثفت وتجمعت لتنشئ هذا الكون، فنسألهم أيضًا: مَن خلق هذا الذرات التي كونت الكون؟
وهناك بعض المضللين يتحدثون بنظريات ليس لها أساس عن أصل خلق البشر قائلين إن أصل الإنسان قِرْدٌ، فإذا كانت القرود هي أصل البشر فلماذا بقي منهم قرود حتى الآن، ولم تتحول إلى بشر ما دام غيرها تحول تلقائيًّا؟
وما يجب أن نعلمه ونؤكده لكل هؤلاء المضللين الكاذبين أن الثمرة الأولى لكل شيء مخلوقة خلقًا مباشرًا من الله، وأن الإنسان يستخدم وينتفع ويكتشف ما خلق الله ولكننا لا نستطيع أن نخلق من عدم، فهذه القدرة لله وحده، ويقول الحق سبحانه وتعالى في محكم آياته وتنزيله في سورة الأحقاف: (مَا خَلَقنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرضَ وَمَا بَينَهُمَآ إِلَّا بِالحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمّىۚ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّا أُنذِرُواْ مُعرِضُونَ (٣) قُلْ أَرَءَيتُم مَّا تَدعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرضِ أَمْ لَهُم شِركٌ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِۖ ٱئتُونِي بِكِتَٰبٍ مِّن قَبلِ هَٰذَآ أَوْ أَثَٰرَة مِّن عِلمٍ إِن كُنتُم صَٰدِقِينَ (٤)).
(٤) نشأة الإنسان: إن الإنسان يبدأ جنينًا في بطن أمه وهذا ما ذكره القرآن الحكيم منذ أكثر من ١٤٠٠ سنة، مع أن علم الأجنة لم يعرفه العالم بشكل واضح إلا حديثًا في القرن العشرين، وقد جاء القرآن الكريم بوصف دقيق لأطوار الجنين، وذكر الله تعالى أن الإنسان خُلق أساسًا من طين، والعلماء أخذوا الطين وقاموا بتحليله فوجدوه مكوَّن من ثمانية عشر عنصرًا منها الحديد والبوتاسيوم والمغنسيوم، ثم فحصوا جسم الإنسان فكانت النتيجة أنه يتكون من نفس المواد جميعًا الثمانية عشر للطين، وهكذا جاءت هذه الحقيقة علمية وعملية ومعملية ولا تخضع للنقاش مرة أخرى.
وقد وصف أيضًا القرآن الكريم ـ وصفًا دقيقًا ـ التكوين الداخلي للجنين؛ حيث أكد أنه في مرحلة العلقة تكون الدماء محبوسة في العروق الدقيقة في شكل دم متجمد، ثم تصبح العلقة مضغة، وتأكد ذلك علميًّا عندما عرضت صورة الأشعة المأخوذة للجنين وهو في مرحلة المضغة وصورة قطعة من الصلصال أو اللبان الممضوغ فوجدوا الشكل واحدًا، ثم ظهرت صورة الأشعة التي التقطت للجنين في مرحلة المضغة فوجد فيها تجويفات تشبه علامات الأسنان، وهكذا وصل وصف الله تعالى للتكوين الداخلي إلى الكمال في الدقة والتحديد، وعندما جاء العلماء بالمضغة الآدمية من بطن الأم ـ وطولها سنتيمتر واحد ـ وتم تشريحها تحت الميكرسكوب الإلكتروني وجد أن بعض أجهزة الجنين مُخَلَّقة وبعضها غير مُخَلَّقة، وهذا موجود بالقرآن من قبل وصول هؤلاء العلماء لذلك الأمر، وقد ذكر ذلك سبحانه وتعالى في سورة الحج: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٣) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤)).
(٥) رسول الله وفخر الكون: عندما نتحدث عن فخر الكون سيدنا محمد ـ صلوات الله عليه وتسليمه إلى يوم الدين ـ فإننا نجد صِدْقه وأمانته وشهرته بلقب الصادق الأمين كانت باعتراف كفار مكة قبل المسلمين، حتى أنه لمَّا جمعهم ليحدثهم عن الإسلام سألهم عن مدى صدقه وأكدوا أنهم ما جربوا عليه كذبًا قط، ولكننا نعيش في عصر أصبح التشكيك في صدق رسولنا الكريم مباح للمبطلين والملحدين والمنافقين، مع أن الله سبحانه وتعالى أكد في القرآن الحكيم عن رسولنا صلى الله عليه وسلم: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلهَوَىٰٓ (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحيٌ يُوحَىٰ (٤))، وقد كان الرسول ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ أُمِّيًّا لا يقرأ ولا يكتب، فكيف لهؤلاء المضللين أن يتهموه بالكذب في رسالته الإسلامية، وأنه استنبطها من الكتب السابقة وهي كانت أساسًا غير مترجمة للغة العربية، وأن هناك اختلافات كبيرة في النظم التشريعية وليس في التشريع فقط بل في العقائد والعبادات حيث حرَّف أصحاب الأديان السابقة كثيرًا من عقائدهم فأتى الإسلام لكي يصحح هذه العقائد ويردها إلى طريقها الصحيح، فالإسلام هو دين الرسل جميعًا سواء مَن ذكرهم الله في القرآن الكريم أو لم يذكرهم، فقد تختلف شرائع الأنبياء عن بعض، ولكن الدين واحد وهو الإسلام دين الله الذي أرسل به رسله وخاتمهم سيدنا ونبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه.
وهناك إعجاز علمي في السنة النبوية حيث إن هناك أحاديث وردت عن سيدنا محمد ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ وذلك منذ أكثر من ١٤٠٠ سنة وقد قالها وهو يعيش في بيئة بدائية وأيضًا كان أُمِّيًّا لا يقرأ ولا يكتب، ومع ذلك كان كلامه وأفعاله وسنته أمورًا علمية واقعية ثبت صحتها مع التقدم العلمي الحالي؛ مما يدل على أن المنبع التي صدرت منه هو الوحى الإلهي، وقد ذكر سبحانه وتعالى ذلك في القرآن الكريم في سورة آل عمران: (إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسلَٰمُۗ وَمَا ٱختَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلكِتَٰبَ إِلَّا مِن بَعدِ مَا جَاءَهُمُ ٱلعِلمُ بَغيَا بَينَهُمۗ وَمَن يَكفُر بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلحِسَابِ (١٩) فَإِن حَاجُّوكَ فَقُل أَسلَمتُ وَجهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِۗ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلكِتَٰبَ وَٱلأُمِّيِّـنَ ءَأَسلَمتُمۚ فَإِن أَسلَمُواْ فَقَدِ ٱهتَدَواْۖ وَّإِن تَوَلَّواْ فَإِنَّمَا عَلَيكَ ٱلبَلَٰغُۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُ بِالعِبَادِ (٢٠)).